عدد الرسائل : 753 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 28/07/2008
موضوع: اللاجئ يرفع إيدو السبت 30 أغسطس 2008 - 10:57
اللاجيء يرفع ايدو
اللجيء يرفع ايدو ، بحكي اللاجيء يرفع ايدو ، رفع فيصل ايدو وهو بيتبسم ، حكتلو المديرة : ولك فيصل انت لاجيء؟ صار فيصل يتكهكه وحكالها: لا يا مس انا نازح، حكتلو : ولليش رافع ايدك ولى ؟ مكسورة ان شا الله ، فعلا انك لوح ، وانفجرت كل المدرسة من الضحك ، طبعا هاد فيصل الزنخ كان واقف جنبي في الطابور الصباحي ، كنت مستثقلة دمّو عالاخر ، ومش بس هيك ، يعني فوق خفّة الدم اللي كانت واقفة بجنبي كانت واقفة قدامي المديرة بالضبط ، وازا ما خانتني الذاكرة كانت ختيارة عمرها فوق الستين ؛ بشعة جدا وكل بؤس الدنيا بوجهها وكانت عاملة شعرها كعكة _طبعا تسريحة الكعكة ما بتخفى عليكم_ وكانت لابسة تنورة لفوق الركبة واكوام الدهون مترسبة في رجليها ، وصوتها خشن خشن كانها بتدخن ، كنت شايفتها ابشع واشنع انسانة على وجه الارض ، طبعا كانت ماسكة المايك وبتحكي : اللاجيء يرفع ايدو.....الاجيء يرفع ايدو ، ومع كل هاي الهيصة كنت انا واقفة متل الملاك ولا الي دخل باللي بيحصل ، ملابسي كانت عالمسطرة ، الجرابات بيض وشبرة الشعر بيضة والكندرة بتلمع لمع وشعري ممشط ولا عارفة اشي عن الطبخة ، أجت معلمة وسألتني : شو اسمك يا بطة؟ جاوبتها: اسمي دانه ، رجعت سألتني : انت لاجئة؟؟ جاوبت سؤالها بسؤال _زي ما بيعمل الشعب الجزائري_:شو يعني لاجئة؟؟
وهاي المعلمة سمعت هالسؤال وصارت تتمسخر ونادت المعلمات وصاروا يتوشوشو ويضحكو وأنا صافنة فيهم مستغربة ، بعد شوي راحت هاي المعلمة واخدت المايك من المديرة وصارت تحكي :يا اطفال يا حلوين مش عارفين ايش يعني لاجئين؟ لاجئين يعني مشردين ، لاجئين يعني مسخمين ، يعني لما ضاعت فلسطين واخدوها اليهود الملاعين ، وامريكا الله يجزيها عنا كل خير ما كتفت ايديها ، حزنت علينا واعطتنا كرت التموين ، القضية مش قضية مسلمين ومسيحيين ، كلنا اصحاب ارض وحق ، القضية انا كلنا لاجئين ، لاجئين يا بشر لاجئين ، بعد العز وبعد ما كنا بفلسطين مدللين ، صاروا الناس هسه يحكو عنا نَوَر ومشرشحين ، عرفتي يا ست دانه شو يعني لاجئين؟ والا الحق مش عليكي الحق على اهلك اللي مش سائلين ، طبعا حبيبتي ،الفلوس نستكم ارضكم وما حد غيركم مضيع القضية . طبعا كل هالخطاب العظيم كان على شرفي ، ومع هيك انا لسه مش فاهمة اشي ، يعني شو بدكم مني هسه؟شو المطلوب؟ اجت معلمة تانية واخدتني على قد عقلي وسألتني انتو معكم الكرت؟ جاوبتها : والله ما بعرف ، سألتني : شو بتعرفي؟ حكيتلها: بعرف اني من فلسطين وانو اليهود تامروا مع الزعماء العرب اللي باعونا بتراب المصاري وبعدينا انطردنا من فلسطين . طبعا المعلمة كيّفت على الجواب وفيصل واقف بجنبي وما بطلّ ضحك ومسخرة من الصبح ، الله يمرّق هاليوم على خير ، اه نسيت احكي انو هاد اليوم كان اول يوم دراسي الي في الصف الثاني الاساسي في مدارس الوكالة الخاصة بالطلاب الفلسطينيين ، المهم من هون لهون اكتشفوا اني لاجئة واستحق المعونة . خلص الطابور الصباحي ودخلنا على الصف ، والمعلمة رتبتنا حسب الطول وطلع نصيبي اقعد انا وفيصل بجنب بعض بالدرج الاخير ، وقعد قدامنا ولد اسمو رامي وولد اسمو وليد ، وبعدين صارت المعلمة تلف بيننا وتفتش عالقمل والاظافر ، كانت أي معلمة تمر من جنب الصف تدخل وتسلم على معلمتنا وتسأل فيصل عن حالو وشو اخبارو ، كانوا كل المعلمات يحبوا فيصل أو بالأحرى بيحزنوا عليه لأنو تبينلي بعدين إنو ابو فيصل كان مهندس كهربا كبير ، وبعد مجزرة تل الزعتر فقد ابو فيصل عقلو بسبب التعذيب ‘ اليهود علقوه من لحيتو وكسروا لو اضلاعو وما خفي كان اعظم ، وصار بعدها درويش وكل الناس بتحزن عليه وعلى مرتو واولادو ، وكانوا المعلمات كل فترة بيجمعولو فلوس ويعطوه من معونة اللاجئين من باب المساعدة يعني ، اما رامي فكان ولد هادي كتير وشعرو كاريه اشقر بجنن ، وتبين برضو فيما بعد انو ابو استشهد بالقدس وضاعت كل فلوسهم ، واليهود احتلوا دارهم قال لانو موقع دارهم بشكل خطر على دولة اسرائيل ، واجو هون وصاروا الناس يتصدقوا عليهم ، اما انا فكنت لاجيء (اسبيشل) كنا احنا من اهل الكويت اللي اجو بعد ازمة الخليج ، يعني ما تبهدلنا زينا زي هالناس ، وما خلص الشهر الاول حتى صرنا انا وفيصل اعز اصدقاء ، كنت ازا غاب اتنكد واحس بالملل ، اما رامي فكانت تربطني معو علاقة حب ، وكنا احنا التلاتة ناكل مع بعض وندافع عن بعض وما احلانا ، المهم خلينا نرجع لليوم الاول ، نادتني المديرة وحكتلي اني الي معونة ، كانت عبارة عن محايات وبرايات واقلام ، وزيت وسكر ودفاتر وما بعرف ايش كمان ، طبعا انا نفسي عزيزة ، حكيتلها ايش هدول؟شو اعمل فيهم؟ احنا عنا في البيت سكر وزيت ، وهاي انا معي قلم وبراي ومحاي على ريحة فراولة ، ضحكت المديرة وحكتلي : والله شكلك مش ناقصك اشي بس خلصيني خدي حصتك من الولايات المتحدة ، بدل ارضكم بفلسطين، طبعا انا كان فيي عقل وطار ، حكيتلها: الولايات المتحدة جميلتهم على حالهم وما يفكروا اني بقبل ابيع ارضي بشوية خرابيش.
طبعا منكم من يعتبر اللمحة السابقة قصة قصيرة، ومنكم من يعتبرها تفاهات ومذكرات شخصية بس هاد اليوم بالنسبة الي وللي مثلي يوم تاريخي ما بيتنسى و بيستحق التمجيد.
مر على النكبة 60 سنة واحنا لسه بنتحمل نتائجها ، ولسه وصمة العار(لاجيء) مختومة على جبين كل واحد فينا ، وبقلوبنا بنحكي: راح نرجع ، اكيد راح نرجع ،
وعار عليه وفشر بنص عينو اللي بيحكي عن فيصل والف فيصل ورامي والف رامي ازا عمل عملية استشهادية انو انتحر ، بالعكس هم اللي انتحروا ، واذا ولا بد بيكون الصمت هو سيد الموقف.
عدل سابقا من قبل بلسم الحياة في السبت 30 أغسطس 2008 - 12:35 عدل 1 مرات
السبت 30 أغسطس 2008 - 10:57
:ب1: 
